استراتيجية “خلق الأزمات”.. ورقة ضغط على القوى الكبرى

شهد العالم خلال الآونة الأخيرة بعض التوترات، على غرار أزمة التصعيد والحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية، وكذلك إجراء كوريا الشمالية لسبع تجارب صاروخية خلال شهر يناير 2022، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين على الحدود البيلاروسية مع أوروبا، التي أدت إلى تفاقم حدة التوترات مع دول الاتحاد الأوروبي، ولعل ما تشترك فيه تلك الأزمات هو كونها ورقة ضغط على القوى الكبرى.
فكل من روسيا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا عمدوا إلى استخدام استراتيجية “خلق الأزمات” كأداة فاعلة للتأثير على الدول الكبرى، وإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إضافةً إلى محاولة انتزاع مجموعة من التنازلات العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية في مقابل إنهاء الأزمة.
وفي أغلب الأحوال لا تولِي القوى الكبرى اهتمامًا لمطالب الدول الأضعف، لكن بمجرد أن تختلق الأخيرة أزمات استراتيجية، تضطر الدول الكبرى إلى تغيير سياستها من خلال تفعيل آلية الحوار. وعلى هذا النحو، فإن خلق الأزمات يعمل على تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص بين الدول، ويعزز مصداقية تهديدات الدول الأضعف، كما يكفل تحسين موقفها التفاوضي.
وعليه، يتعين على القوى الكبرى إيلاء مزيد من الاهتمام لاحتواء الدول الأضعف نسبيًّا، دون انتظار وقوع أزمات للتحرك، بل عليها اتخاذ إجراءات استباقية، والتدخل السياسي المبكر، من خلال اتباع آليات دبلوماسية نشطة من شأنها أن تحول دون وقوع أزمات دولية كبيرة، أو على الأقل تقلل من حدة المخاطر المحتملة لأي أزمات أخرى متوقَّعة.